الســــــلطان الغازى عـــثـــــمان الأول :-
------------------------------------------------
بــــدأت قصة التمكين للدولة العثـــــمانية وبداية عصـور أمجـــــــاد اسلاميـة جديد مع ظهور القائد عثـــمان بن أرطـــغرل رحمه الله والذى سبق ن ذكرت أنه ولد فى العام الذى سقطت فيه بغداد والخلافة العبــاسية , تولى الحكم سنـة 687 ه بعد وفاة أبــيه وبدا عثمان يوسع إمارته فاستطاع ان يضم إليه عام 688 قلــعة قــــرة حصار ..
وفي عام 699 أغارت المغول على إمارة علاء الدين السلجوقي ففر من وجههم والتجأ إلى إمبراطور بيزنطا وتوفي هناك في العام نفسه، وتولى الإمارة من بعده ابنه غياث الدين فقتله المغول , ففتحت الأبواب وأزيلت العقبات من أمام عثمان فأسس فى هذه السـنة 699 هـ الموافق 1299 م الدولـــــة العــــثمانية ..
بـــــدأ بعد ذلك يتوسع رويدا رويدا على حساب الروم، واتخذ مدينة يني شهر قاعدة له ولقب نفسه باديـــــشاه آل عثمان واتخذ راية ودعا أمراء الروم في آسيا الصغرى إلى الإسلام، فان أبوا فعليهم دفع الجزية، فأن رفضوا فالحرب هي التي تحكم بينه وبينهم فخشوا على أملاكهم منه، فاستعان الروم بالمغول عليه، وطلبوا منهم ان ينجدوهم ضده غير ان عثمـــــان قد جهز جيشا بإمرة ابنه أورخــــان وسيره لقتال المغول فشتت شملهم بعد معركة مهـــــولة وكانت هذه المعركة مشابه لمعركة عين جالوت العظيمة...
السلطان العظيم عثمان بن أرطغرل
ثم تواصلت انتصارات المجاهد عثــــمان بعد دحر المغول واعتناق قسم كبير منهم الإسلام , فقد اتجه هــو وجيشه نحو مدينة بورصــــــة التي كانت تعد من الحصون المنيعة والمهمة في آسيا الصغرى، فاستطاع ان يدخلها عام 717 للهجرة،1317 للميلاد ،امن أهلها وأحسن إليهم فدفعوا له ثلاثين ألفا من عملتهم الذهبية، وأسلم حاكمها افرينوس، فمنحه عثمان لقب( بيك ) وأصبح من قادة العثمانيين البارزين.
وعن أخلاق وصـــــفات هذا القائــد العـظيم يقول د. على الصلابى ((( عندما نتأمل في سيرة عثمان الأول تبرز لنا بعض الصفات المتأصلة في شخصيته كقائد عسكري، ورجل سياسي، ومن أهم هذه الصفات:
1.الشجـــــــاعة: عندما تنادى أمراء النصارى في (بورصــــة ومادانوس وأدره نوس وكـــــته وكســـتله) البيزنطيون في عام 700هـ/1301م لتشكيل حلف صليبي لمحاربة عثمان بن أرطغرل مؤسس الدولة العثمانية واستجابت النصارى لهذا النداء وتحالفوا للقضاء على الدولة الناشئة تقدم عثمان بجنوده وخاض الحروب بنفسه وشتت الجيوش الصليبية وظهرت منه بسالة وشجاعة أصبحت مضرب المثل عند العثمانيين..
مدينة بــورصة بتركيا
2. الحكــــــمة: بعد ما تولى رئاسة قومه رأى من الحكمة أن يقف مع السلطان عــــلاء الدين الســــلجوقى ضد النصارى، وساعده في افتتاح جملة من مدن منيعة ، وعدة قلاع حصينة، ولذلك نال رتبة الإمارة من السلطان السلجوقي علاء الدين صاحب دولة سلاجقة الروم. وسمح له سك العملة باسمه، مع الدعاء له في خطبة الجمعة في المناطق التي تحته...
3.الاخــــــلاص: عندما لمس سكان الأراضي القريبة من إمارة عثمان أخلاصه للدين تحركوا لمساندته والوقوف معه لتوطيد دعائم دولة اسلامية تقف سداً منيعاً أمام الدولة المعادية للاسلام والمسلمين ...
4.الصــــــبر: وظهرت هذه الصفة في شخصيته عندما شرع في فتح الحصون والبلدان، ففتح في سنة 707هـ حصن كته، وحصن لفكه، وحصن آق حصار، وحصن قوج حصار. وفي سنة 712هـ فتح حصن كبوه وحصن يكيجه طرا قلوا، وحصن تكرر بيكارى وغيرها وقد توج فتوحاته هذه بفتح مدينة بـــــــورصة في عام 717هـ المــــوافق 1317م، وذلك بعد حصار شديد دام عدة سنوات، ولم يكن فتح بــــورصة من الأمور السهلة بل كان من أصعب ما واجهه عثمان في فتوحاته، حيث حدثت بينه وبين قائد حاميتها اقرينوس صراع شديد استمر عدة سنوات حتى استسلم وسلم المدينة لعـــــثمان..
.5.الجـــــــــاذبية الايمــــــانية: وتظهر هذه الصفة عندما احتك به اقرينوس قائد بــــــورصة واعتنق الاسلام أعطاه السلطان عثمان لقب (بك) وأصبح من قادة الدولة العثمانية البارزين فيما بعد، وقد تأثر كثير من القادة البيزنطيين بشخصية عثمان ومنهجه الذي سار عليه حتى امتلأت صفوف العثمانيين منهم ...
، بل أن كثيراً من الجماعات الاسلامية انخرطت تحت لواء الدولة العثمانية كجماعة (غــــــزياروم) أي غزاة الروم، وهي جماعة اسلامية كانت ترابط على حدود الروم وتصد هجماتهم عن المسلمين منذ العصر العباسي، وقد أعطتها هذه المرابطة خبرات في جهاد الروم عمقت فيها انتماءها للاسلام والتزامها بكل ماجاء به الاسلام من نظام...
وجماعة (الإخيان) (اي الاخوان) وهم جماعة من أهل الخير يعينون المسلمين ويستضيفونهم ويصاحبون جيوشهم لخدمة الغزاة وكان معظم أعضاء هذه الجماعة من كبار التجار الذي سخروا أموالهم للخدمات الاسلامية مثل : إقامة المساجد والتكايا و"الخانات" الفنادق، وكانت لهم في الدولة مكانة عالية، ومن هذه الجماعة علماء ممتازون عملوا في نشر الثقافة الاسلامية وحببوا الناس في التمسك بالدين، وجماعة (حاجيات روم) أي حجاج أرض الروم، وكانت جماعة على فقه بالاسلام، ومعرفة دقيقة لتشريعاته، وكان هدفها معاونة المسلمين عموماً والمجاهدين خصوصاً وغير ذلك من الجماعات ..
6.عــــــــــــــدله: تروي معظم المراجع التركية التي أرّخت للعثمانيين أن أرطغرل عهد لابنه عثمان مؤسس الدولة العثمانية بولاية القضاء في مدينة قره جه حصار بعد الاستيلاء عليها من البيزنطيين في عام 684هـ/1285م وأن عثمان حكم لبيزنطي نصراني ضد مسلم تركي، فاستغرب البيزنطي وسأل عثمان: كيف تحكم لصالحي وانا على غير دينك، فأجابه عثمان: بل كيف لا أحكم لصالحك، والله الذي نعبده ، يقول لنا : { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الى أهلها واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} (سورة النساء، ) وكان هذا العدل الكريم سبباً في اهتداء الرجل وقومه الى الاسلام..
7.الــــــوفـــــاء: كان شديد الإهتمام بالوفاء بالعهود، فعندما اشترط أمير قلعة اولوباد البيزنطية حين استسلم للجيش العثماني، أن لايمر من فوق الجسر أي عثماني مسلم الى داخل القلعة التزم بذلك وكذلك من جاء بعده..
8.التجـــــــرد لله في فتــــــوحاته: فلم تكن أعماله وفتوحاته من أجل مصالح اقتصادية أو عسكرية أو غير ذلك ، بل كان فرصة تبليغ دعوة الله ونشر دينه ولذلك وصفه المؤرخ احمد رفيق في موسوعته (التاريخ العام الكبير) بأنه (كان عثمان متديناً للغاية، وكان يعلم أن نشر الاسلام وتعميمه واجب مقدس وكان مالكاً لفكر سياسي واسع متين ، ولم يؤسس عثمان دولته حباً في السلطة وإنما حباً في نشر الاسلام) ...
ويقول مصر اوغلو: "لقد كان عثمان بن أرطغرل يؤمن إيماناً عميقاً بأن وظيفته الوحيدة في الحياة هي الجهاد في سبيل الله لأعلاء كلمة الله، وقد كان مندفعاً بكل حواسه وقواه نحو تحقيق هذا الهدف...))) انتهى كلامــه ...
((( منقووول )))