تساءل البعض عن معنى الاسم الذي تم اختياره للحملة العسكرية الصهيوصليبية على ليبيا, والذي حمل اسم (فجر أوديسة), وقد تضاربت التحليلات عن مغزاه, مع أن المعنى كان واضحاً لكل من هو مُطلع على التاريخ؟
فربما قد قرأ البعض منكم ملحمة الأوديسة الشعرية التي وضعها هوميروس في القرن الثامن قبل الميلاد والتي يُعدها المؤرخون بأنها ملحمة حربية خيالية بسبب الأحداث المبالغ في تلك الملحمة, والتي تبدأ بعد نهاية الإلياذة وتتحدث عن أسطورة حصان طروادة (Trojan Horse), ومختصرها هو اختراق حصن أو قلعة العدو من الداخل وذلك من خلال حصان خشبي عملاق اختبأ في داخله القائد أوديسيوس وجنوده, حيث أوهم الإغريق أهالي طروادة بأنهم انسحبوا مهزومين واختبئوا خلف مكان مرتفع, وأرسلوا لهم جاسوس يبلغهم أن الغزاة الإغريق قد انسحبوا مدحورين وأنهم تركوا خلفهم حصاناً خشبياً عملاقاً بناه إبيوس, فأقنعهم الجاسوس أن هذا الحصان سيكون رمزاً للانتصار, وقد بلع الملك الطعم وقرر أن يدخله إلى القلعة لكي يحتفلوا بالانتصار العظيم على قوات الإغريق, وبالرغم من التحذيرات الكثيرة للملك من قبل المقربين منه إلا أن الملك أصر على إدخاله إلى قلعة طروادة, وجرى احتفال عظيم بمناسبة ذلك النصر الوهمي, وعند موعد الفجر وبعد ليلة صاخبة من الفرح والسرور والرقص لأهالي طروادة الذين احتفلوا بانسحاب العدو, فنام جميع الحراس على إثر معاقرة الخمر والتعب والإرهاق, فخرج أوديسيوس وجنوده من داخل الحصان الخشبي وقاموا بفتح أبواب طروادة لبقية الجيوش المختبئة خارج الحصن فدخلوا إلى القلعة ودمروها وعاثوا بها قتلاً وهتكاً وحرقاً, حيث قتلوا جميع الرجال فيها وسبوا واستعبدوا كل النساء والأطفال في طروادة, ذلك هي مختصر لتلك الأسطورة الخيالية, وبالمُناسبة فأن هنالك فيلم سينمائي أنتجته هوليوود صور بعض من أحداث تلك الملحمة الشعرية الإغريقية الخرافية.
ومن خلال نظرة عابرة أو تفسير لسبب اختيارهم لاسم (فجر أوديسة) لتلك الحملة الصليبية التدميرية على ليبيا, سنعرف أنهم لا يهرولون عبثاً, وأن التاريخ الدموي الاستعماري في النهب والتدمير مازال أمام ناظريهم وهو المحرك لتوجهاتهم وأطماعهم, فهم يختارون الاسم الأنسب ويضعوه على المُسمى المُناسب, لأن معركتهم هذه تخاض من الجو, وليس على الأرض, إذن هم بحاجة لأحصنة طروادة تنطلق عن ساعات الفجر أي يتم التحرك والهجوم من داخل البلد وليس من الخارج.
وعلى هذا الأساس فأنهم بحاجة على أرض الواقع لأحصنة وجحوش طروادة تتحرك بالنيابة عنهم,
ومن يفهم معنى (فجر الأوديسة) ويتمعن به جيداً سيعلم أن أمريكا وحلفها الصهيوصليبي لن يزجوا بجنود أو قوات مارينز على التراب الليبي, لأنهم ليسوا بحاجة أصلاً لجنود وأحصنة وقلاع صليبية مكشوفة, فلديهم جحوش وبغال طرواديين جُدد, سيقومون هؤلاء بتنفيذ المهمة مدعومين بالنيران من الجو والبحروالدليل على صحة النظرية الطروادية والتي تعني بالمفهوم العسكري (الهجوم من الداخل), أن رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي الأميرال مايكل مولن, قال أنهم سيدمرون كل المركبات والدبابات التابعة للقذافي, بينما في المقابل لن يمسوا بأي عربة أو تحرك لميلشيات بنغازي المُتمردة, التي قطعاً ستُدفع دفعاً من الحلف الصهيوصليبي للهجوم على اجدابيا وبقية المناطق النفطية للاستحواذ عليها, لتكون رافداً ومورداً مالياً يعوض الجيوش الغازية جواً من خسائرها المالية الكبيرة
يبقى سؤال في غاية الأهمية, لماذا سميت هذه الحملة (فجر الأوديسة) أو (فجر الأوديسا) ؟؟,
نحن نعلم أن (الأوديسا) كلمة يونانية الجذر, تعني الرجل الغاضب, وهي أيضا مدينة أوكرانية, مازالت تتباهى بانتصارات اليهود المحدودة على كتائب الإمبراطورية العثمانية في معركة (القرم), وتعد مدينة (أوديسا) من المعاقل الرئيسة ليهود الاشكناز, ورب قائل يقول أنها إشارة إلى الملحمة اليونانية, التي انشدها (هوميروس) في القرن الثامن قبل الميلاد, وتحكي في احد أجزائها عن غضب إله كاذب في البحر الأبيض المتوسط, اسمه (بوصيدون).
نحن إذن أمام تسمية مريبة, لا تخلو من الإشارات العقائدية, والرموز الوثنية, فهل اشتركت قاصفات السعودية والإمارات وقطر, وطائراتهم المقاتلة لاسترداد المجد الروماني المفقود على ضفاف السواحل الليبية ؟؟, أم أنها اشتركت لتستعيد ذكريات الاشتباكات, التي اشترك فيها يهود (أوديسا) في معاركهم ضد المسلمين ؟؟, أم أنهم حلقوا فوق سماء ليبيا لإحياء ذكرى الإله (بوصيدون) ؟؟,
وما سر هذا التوقيت المتوافق مع الغارات الهمجية, التي تعرضت لها بغداد المجد والإباء ؟؟, وما سر سكوت رجال الدين الأفاضل على هذه الفضائح الاستباحية الصارخة ؟؟