أبو عبدالله المدير العام
الأوسمة :
عدد المساهمات : 3550 نقاط : 58124 السٌّمعَة : 6 تاريخ التسجيل : 30/10/2010
| |
أبو عبدالله المدير العام
الأوسمة :
عدد المساهمات : 3550 نقاط : 58124 السٌّمعَة : 6 تاريخ التسجيل : 30/10/2010
| |
أبو عبدالله المدير العام
الأوسمة :
عدد المساهمات : 3550 نقاط : 58124 السٌّمعَة : 6 تاريخ التسجيل : 30/10/2010
| موضوع: رد: دليل المسجد الأقصى المبارك الخميس سبتمبر 15, 2011 6:54 pm | |
|
قبة الصخرة المشرفة تعتبر قبة الصخرة المشرفة إحدى أهم المعالم المعمارية الإسلامية في العالم: ذلك أنها إضافة إلى مكانتها وقدسيتها الدينية، تمثل أقدم نموذج في العمارة الإسلامية من جهة. ولما تحمله من روعة فنية وجمالية تطوي بين زخارفها بصمات الحضارة الإسلامية على مر فتراتها المتتابعة من جهة أخرى، حيث جلبت انتباه واهتمام الباحثين والزائرين وجميع الناس من كل بقاع الدنيا لما امتازت به من تناسق وانسجام بين عناصرها المعمارية والزخرفية حتى اعتبرت آية من في الهندسة المعمارية . تتوسط قبة الصخرة المشرفة تقريباً ساحة الحرم الشريف، حيث تقوم على فناء (صحن) يرتفع عن مستوى ساحة الحرم حوالي 4م، ويتوصل إليها من خلال البوائك (القناطر) التي تحيط بها من جهاتها الأربع . بنى هذه القبة المباركة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (65-86هـ/ 684-705م)، حيث بدأ العمل في بنائها سنة 66هـ/ 685م، وتم الفراغ منها سنة 72هـ/ 691م. وقد اشرف على بنائها المهندسان العربيان رجاء بن حيوة وهو من بيسان فلسطين ويزيد بن سلام مولى عبد الملك بن مروان وهو من القدس (1) . وقد وضع تصميم مخطط قبة الصخرة المشرفة على أسس هندسية دقيقة ومتناسقة تدل على مدى إبداع العقلية الهندسية الإسلامية، حيث اعتمد المهندس المسلم في تصميم هيكلها وبنائها على ثلاث دوائر هندسية ترجمت بعناصر معمارية لتشكل فيما بعد هذا المعلم والصرح الإسلامي العظيم. وما العناصر المعمارية الثلاثة التي جاءت محصلة تقاطع مربعين متساويين فهي: القبة التي تغطي الصخرة وتحيط بها، وتثمينتين داخلية وخارجية تحيطان بالقبة نتج فيما بينهما رواق داخلي على شكل ثماني الأضلاع (2) . (أنظر لوحة رقم 1،2) . فأما القبة التي جاءت بمثابة الدائرة المركزية التي تحيط بالصخرة فإنها تجلس على رقبة تقوم على أربع دعامات حجرية (عرض كل منها ثلاثة أمتار) واثنين عشر عموداً مكسوة بالرخام المعرق، تحيط بالصخرة بشكل دائري ومنسق بحيث يتخلل كل دعاة حجرية ثلاثة أعمدة رخامية. وتتكون القبة من طبقتين خشبيتين داخلية وخارجية وقد نصبتا على إطار خشبي يعلو رقبة القبة. كما زينت القبة من الداخل بالزخارف الجصية المذهبة، وأما من الخارج فقد صفحت بالصفائح النحاسية المطلية بالذهب . وأما رقبة القبة فقد زينت من الداخل بالزخارف الفسيفسائية البديعة، كما فتح فيها ست عشرة نافذة لغرضي الإنارة والتهوية . وأما التثمينة الداخلية فتحتوي على ثماني دعامات حجرية يتخللها بين كل دعامة وأخرى عمودان من الرخام تعلوها عقود نصف دائرية متصلة ببعضها البعض بواسطة جسور خشبية مزخرفة، حيث زينت هذه العقود بالزخارف الفسيفسائية المطلية بالذهب . وأما التثمينة الخارجية فتتألف من ثماني واجهات حجرية، فتح في أربع منها المقابلة للجهات الأربع باب، كما فتح من كل واجهة منها خمسة شبابيك. وقد كسيت الواجهات من الداخل بالبلاط الرخامي الأبيض. وأما من الخارج فقد كسي القسم السفلي للواجهات بالبلاط الرخامي الأبيض. وأما من الخارج فقد كسي القسم السفلي للواجهات بالبلاط الرخامي الأبيض والقسم العلوي بالقاشاني، علماً بأنها كانت مكسوة بالفسيفساء المزخرفة في الفترة الأموية (3) . وكما تم تغطية سقفي الرواقين الممتدين من التثمينة الخارجية وحتى القبة بجمالونات خشبية صفحت من الداخل بألواح خشب دهنت وزخرفت بأشكال مختلفة، وأما من الخارج فقد صفحت بألواح من الرصاص . وأما القياسات الهندسية لأبعاد القبة فقد جاءت على النحو التالي: قطر القبة الداخلي (29,44م) وارتفاع رقبتها (9,8م). قطر المبنى بشكل عام (52م) وارتفاعه (54م) وأما أضلاع المثمن فيبلغ طول كل منها (20,60م) على ارتفاع (9,5). علماً بأن أبعاد الصخرة المشرفة نفسها (17,70م و 13,50م) (4) . ويقوم أسفل الصخرة المشرفة كهف صغير يعرف بالمغارة، مربع الشكل تقريباً (4,5 م2) ومتوسط ارتفاعه 3 م. وقد أقيم في جهته القبلية محرابان، أحدهما وهو الواقع في الجانب الشرقي للمغارة يعود إلى تاريخه للفترة الأموية والثاني في الجانب الغربي لها والذي يعود تاريخه لفترات متأخرة . تاريخ بناء قبة الصخرة المشرفة الأمويون هم من بنى قبة الصخرة لقد بات معروفاً تماماً أنه تم الفراغ من بناء قبة الصخرة المشرفة عام 76هـ/ 691م أي في فترة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (65-86هـ/ 684-705م)، وذلك حسب النص المادي والموجود حتى يومنا الحاضر والذي يتمثل بالنقش التذكاري المعمول من الفسيفساء المذهبة بالخط الكوفي الأموي والواقع أعلى التثمينة الداخلية للقبة في الجهة الشرقية الجنوبية منها (5) . يقول النص (( .. بنى هذه القبة عبدالله الإمام المأمون أمير المؤمنين في سنة اثنتين وسبعين تقبل الله منه ..)) وهنا لا للقارئ أن يتساءل كيف تداخل اسم "المأمون" الخليفة العباسي (198-218 هـ/ 813 – 833م) مع التاريخ 72 هـ . والجواب هنا أنه أثناء أعمال الترميم التي جرت في فترة الخليفة العباسي المأمون، قام أحد الفنيين بتغيير اسم عبد الملك الخليفة الأموي مؤسس وباني قبة الصخرة، ووضع مكانه اسم "المأمون" ولكنه نسي أن يغير التاريخ حيث تم اكتشاف الأمر بسهولة، ولا نظن هنا أنه كان للمأمون رياً في هذا الأمر، وإنما جاء من قبيل الصدفة على يدي أحد الصناع . ولكننا نقول حتى ولو تم تغيير التاريخ فإنه من الصعب القبول به: ذلك أن التحليل المعماري لمخطط قبة الصخرة يعود بعناصره وزخارفه إلى الفترة الأموية (6) وليست العباسية إضافة إلى ما ورد في المصادر التاريخية (7) من نصوص تؤكد أن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان هو نفسه الذي قام ببناء هذه القبة وصرف على بنائها خراج مصر لسبع سنين . فلو أجرينا حسابات للمبالغ الطائلة التي أنفقت لبناء هذا المعلم الحضاري، والذي رصد لبنائه خراج أكبر ولاية إسلامية (مصر) ولمدة سبع سنوات فإننا سنجدها اليوم تقدر بملايين الدولارات. وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على الاستقرار والرخاء الذي كان يعم الخلافة الإسلامية في الفترة الأموية والتي تعكس تأثير القوة الاقتصادية لهذه الخلافة الإسلامية الحديثة أمام الإمبراطوريتين العظميين البيزنطية والفارسية في ذلك الوقت . وهذا يقودنا إلى السؤال عن السبب الكامن خلف بناء قبة الصخرة بهذه الفخامة والعظمة، فمما لا شك فيه أن السبب المباشر في بناء هذه القبة هو السبب الديني حيث لولا وجود "الصخرة" بالتحديد التي عرج عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حسب ما هو مثبت في العقيدة الإسلامية لما ورد في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة والروايات التاريخية المنقحة، فلولا وجود هذه الصخرة كرمز ديني إسلامي ارتبطت بمعجزة الإسراء والمعراج لما قدم الخليفة عبد الملك بن مروان ليشيد هذه القبة فوقها . وهذا يجعلنا نستبعد التبرير السياسي الذي أورده اليعقوبي ( ، واتهم فيه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بنية تحويل قبلة الحجاج عن الكعبة المشرفة في مكة المكرمة إلى الصخرة في بيت المقدس مانعاً في ذلك مبايعة الحجاج لعبدالله بن الزبير في مكة. إذ لا يخفى عن بال كل فطين شيعية المؤرخ اليعقوبي ومدى معارضته للخلافة الأموية التي أكثر من تشويه صورتها أمام الخلافة العباسية . فليس من المنطق إذن أن نقبل رواية مدسوسة على الخليفة الذي حكم فترة تزيد عن العشرين سنة وعرف عنه خلالها الحزم والحكمة السياسية وقوة الإرادة وبعد النظر والاهتمام بالعقيدة الإسلامية، فكيف يعقل لخليفة في مثل هذه الصفات وصاحب تاريخ عظيم، أن يقدم على التلاعب بركن من أركان الإسلام (الحج) بهذه البساطة التي يرويها اليعقوبي . ولكننا نتساءل هل كان ضرورياً أن يبنيها بهذه العظمة والفخامة، إذ كان يستطيع أن يبنيها بشكل أبسط وغير مكلف، ولكن إذا أمعنا النظر بالظروف التي أحاطت بتلك الفترة عشية بناء القبة وحللناها نجد أنه كان لا بد لأمير المؤمنين الخليفة عبد الملك بن مروان أن يبني هذه القبة بهذا الشكل لإظهار عظمة وقوة الخلافة الإسلامية الحديثة في حينها أمام القوتين العظميين الفرس والروم. ذلك أنه إبان الفتوحات الإسلامية لبلاد الشام، كان السكان في هذه البلاد إما نصارى أو وثنيين ومنهم من دخل الإسلام مع الفتوحات، ولكنهم بقوا ضعفاء الإيمان فكيف لا وهم اعتادوا على رؤية الحضارة البيزنطية تتألق من خلال مبانيها الفخمة مثل الكنائس والقلاع وخاصة كنيسة القيامة في القدس الشريف وكنيسة المهد في بيت لحم (9). فما كان للخليفة الأموي إلا أن يبني هذه القبة العظيمة محاكياً فيها العمارة البيزنطية ليبين ويثبت للسكان مدى وقوة الدولة الإسلامية الجديدة . وقد أكد هذا السبب المؤرخ الجليل المقدسي المتوفى عام 985م حينما وضحه أثناء مناقشته مع عمه (البناء) بخصوص العمارة الأموية في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان وولده الوليد، حيث يقول في ذلك ما نصه على لسان عمه (10) ((.. ألا ترى أن عبد الملك لما رأى عظم قبة القمامة (القيامة) وهيئتها خشي أن تعظم في قلوب المسلمين فنصب على الصخرة قبة على ما ترى ..)) . المسلمون والمحافظة على قبة الصخرة وقد اهتم المسلمون برعاية وعناية قبة الصخرة المشرفة، على مر الفترات الإسلامية المتعاقبة، وبخاصة بعد ما كان يحدث بها من خراب جراء التأثيرات الطبيعية مثل الهزات الأرضية، والعواصف والأمطار والحرائق. فلم يتأخر أي خليفة أو سلطان في ترميمها والحفاظ عليها . العباسيون إن ما شاع عن العباسيين أنهم لم يهتموا بالحرم الشريف وعمارته ليس صحيحاً، فقد أشرنا سابقاً إلى أنهم حافظوا قدر استطاعتهم على عمارته، ولكن على ما يبدو دون تغيير ملموس في ذلك الطابع المعماري الذي نفذه الأمويون، فقد قام الخليفتان المنصور والمهدي بترميم المسجد الأقصى المبارك بعد الخراب الذي أصابه جراء الهزات الأرضية التي حدثت في تلك الفترات والذي سنأتي على شرحه لاحقاً . ففي سنة 216هـ/ 831م، زار الخليفة العباسي المأمون (198-218 هـ/ 813 – 833م) بيت المقدس وكان قد أصاب قبة الصخرة شيء من الخراب فأمر بترميمه وإصلاحه، والأمر تطور على ما يبدو ليصبح مشروع ترميم ضخم اشتمل على قبة الصخرة المشرفة، مما حدا بالمأمون أن يضرب فلساً يحمل اسم القدس لأول مرة في تاريخ مدينة القدس وذلك في سنة 217 هـ كذكرى لإنجاز ترميماته تلك . وفي عهد الخليفة العباسي المقتدر بالله (295 –320/ 908 – 932م)، في سنة 301 هجرية/ 913 ميلادية، تمت أعمال ترميمات خشبية في قبة الصخرة اشتملت على إصلاح قسم من السقف وكذلك عمل أربعة أبواب خشبية مذهبة بأمر من أم الخليفة المقتدر، حيث تم الكشف عن ذلك من خلال شريط كتابي مكتوب بالدهان الأسود وجد على بعض الأعمال الخشبية في القبة، حيث كتب عليها ما نصه (11) : بسم الله الرحمن الرحيم، بركة من الله لعبد الله جعفر الإمام المقتدر بالله أمير المؤمنين حفظه الله لنا، مما أمرت به السيدة أم المقتدر بالله نصرها الله، وجرى ذلك على يد لبيد مولى السيدة، وذلك في سنة إحدى وثلثماية)) . الفاطميون وفي الفترة الفاطمية تعرضت فلسطين لهزات أرضية عنيفة: منها التي حدثت سنة 407 هـ/ 1016 م، والتي أدت إلى إصابة قبة الصخرة وإتلاف بعض أجزاء القبة الكبيرة (12)، حيث بدئ بترميمها في عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله (386 – 411هـ/ 996-1021) واستكمل في عهد ولده الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله (411-427هـ/1021-1036م). وقد اشتملت الترميمات على القبة وزخارفها وتمت على يدي علي بن أحمد في سنة 413هـ/1022 م، وذلك حسب ما ورد في الشريط الكتابي الواقع في الدهليز الموجود في رقبة القبة (13) . الاحتلال الصليبي لقد عانت قبة الصخرة كثيراً مثلما عانت معظم المساجد الإسلامية في فلسطين من الاحتلال الصليبي . فعندما احتل الصليبيون بيت المقدس سنة 493هـ/ 1099م، قاموا بتحويل مسجد قبة الصخرة إلى كنيسة عرفت بذلك الوقت باسم "هيكل السيد العظيم/ Temple Domini (14)، فانتهكوا قدسيتها وبنوا فوق الصخرة مذبحاً ووضعوا فيها الصور والتماثيل. مبيحين في ذلك ما حرمه الإسلام في أماكنه المقدسة . ومن الطريف بالأمر أن قساوسة ذلك الوقت اعتادوا على المتاجرة بأجزاء من الصخرة، كانوا يقتطعوها من الصخرة ليبيعوها للحجاج والزوار ليعودوا بهذه القطع إلى بلادهم بحجة التبرك والتيمن بها. وعلى ما يبدو أنها كانت تجارة رابحة جداً للقساوسة، حيث كانون يبيعون تلك القطع بوزنها ذهباً، الأمر الذي حدا بملوك الفرنج إلى كسوة الصخرة بالرخام وإحاطتها بحاجز حديدي مشبك لحمايتها والإبقاء عليها خوفاً من زوالها إذا استمر القساوسة بهذه التجارة (15) . الأيوبيون ولم يشأ الله عز وجل أن يطيل معاناة قبة الصخرة المشرفة من ذلك الاحتلال الغاشم، حتى هيأ سبحانه وتعالى القائد الجليل صلاح الدين (564 – 589 هجرية/ 1169-1193 ميلادية) لتحرير فلسطين واستردادها من الصليبيين سنة 583هجرية/ 1187 ميلادية (16) . وبذلك تطهرت قبة الصخرة المشرفة من النجس الذي كان عالقاً بها، حيث قام صلاح الدين بإعادتها إلى ما كانت عليه قبل الصليبيين وإزالة جميع بصماتهم التي وضعوها عليها، فقد قام بإزالة المذبح الذي أضافوه فوق الصخرة والبلاط الرخامي الذي كسوا به الصخرة والصور والتماثيل، وكذلك أمر بعمل صيانة وترميم لما يحتاجه المبنى، حيث تم تجديد تذهيب القبة من الداخل وذلك حسب ما نجده اليوم مكتوباً من خلال الشريط الكتابي الواقع بداخل القبة والذي جاء فيه ما نصه (17) : ((بسم الله الرحمن الرحيم. أمر بتجديد تذهيب هذه القبة الشريفة مولانا السلطان الملك الناصر العالم العادل العامل صلاح الدين يوسف بن أيوب تغمده الله برحمته. وذلك في شهور سنة ست وثمانين وخمسمائة)) . هذا ولم يغفل المجاهد صلاح الدين عن متابعة مبنى قبة الصخرة والحفاظ عليها، فنراه قد رتب للمسجد إماماً وعين لخدمته سدنة ووقف عليه الوقوفات لكي ينفق ريعها لصالح قبة الصخرة المشرفة (18) . وقد استمر الأيوبيون بعد صلاح الدين بالاهتمام بقبة الصخرة والحفاظ عليها، حيث تشير المصادر التاريخية (19) إلى أن معظمهم كانوا يكنسون الصخرة بأيديهم ثم يغسلونها بماء الورد باستمرار لتظل نظيفة معطرة، كما أن الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين (589-595 هجرية/ 1193-1198ميلادية)، قام بوضع الحاجز الخشبي الذي يحيط الصخرة (20) لحمايتها بدلاً من الحاجز الحديدي الذي وضعه الصليبيون . المماليك وفي الفترة المملوكية لم ينس سلاطين المماليك متابعة الاهتمام بقبة الصخرة والحفاظ عليها. فقد قام السلطان الملك الظاهر بيبرس (658 – 676هجرية/ 1260 – 1277ميلادية) بتجديد الزخارف الفسيفسائية التي تكسو الأقسام العلوية الواقعة في واجهات التثمينة الخارجية وذلك سنة 699 هجرية/ 1270 ميلادية (21) . أما السلطان الناصر محمد بن قلاوون وفي فترة سلطنته الثالثة (709 –741هجرية/ 1309-1340 ميلادية) والذي اعتبر من مشاهير سلاطين المماليك الذين اهتموا بالإنجازات المعمارية بصورة عامة، مثله مثل الوليد بن عبد الملك في الفترة الأموية، فقد قام السلطان ابن قلاوون بأعمال صيانة وترميم عديدة في قبة الصخرة نذكر منها: تجديد وتذهيب القبة من الداخل والخارج في سنة 718 هجرية/ 1318 ميلادية) وذلك حسب ما ورد بالشريط الكتابي الموجود في أعلى رقبة الداخلية حيث جاء ما نصه (22) ((بسم الله الرحمن الرحيم. أمر بتجديد وتذهيب هذه القبة مع القبة الفوقانية برصاصها مولانا ظل الله في أرضه القائم بسنته وفرضه السلطان محمد بن الملك المنصور الشهيد قلاوون تغمده الله برحمته. وذلك في سنة ثمان عشرة وسبع مائة)). وكما أنه قام بتبليط فناء (صحن) قبة الصخرة المشرفة الذي يحيط بها . وفي عهد السلطان الملك الظاهر برقوق وفي فترة سلطنته الأولى (784-791هجرية/ 1382 –1389ميلادية)، تم تجديد دكة المؤذنين الواقعة إلى الغرب من باب المغارة مقابل الباب الجنوبي (القبلي) لقبة الصخرة، وذلك في سنة 789هجرية/ 1387ميلادية) على يدي نائبه بالقدس محمد بن السيفي بهادر الظاهري نائب السلطنة الشريفة بالقدس وناظر الحرمين الشريفين، حسب ما ورد في النص التذكاري الموجود عليها (23) . وفي عهد السلطان الملك الظاهر جقمق (842 – 857هجرية/ 1438 – 1453ميلادية)، تم ترميم قسم من سقف قبة الصخرة الذي تعرض للحريق إثر صاعقة عنيفة (24) . وقد حافظ سلاطين المماليك على استمرارية صيانة وترميم قبة الصخرة والحفاظ عليها إما عن طريق الترميمات الفعلية أو عن طريق الوقوفات التي كانت بمثابة الرصيد المالي الدائم لكي يضمن النفقات والمصاريف على مصلحة مسجد قبة الصخرة المشرفة. فعلى ما يبدو أنه في حال لم يكن هناك ترميمات، اهتم السلاطين برصد الأموال اللازمة لها في حين الحاجة، فنجد السلطان الملك الأشرف برسباي (825-841هجرية/ 1422-1437ميلادية)، قد أمر بشراء الضياع والقرى ووقفها لرصد ريعها للنفقة على قبة الصخرة المشرفة، حيث جاء في النص الوقفي ما نصه (25) : ((جدده وأنشأه ناظر الحرمين الشريفين أثابه الله الجنة وهو مشتراه مما ثمره من مال الوقف من أجور المسقفات في كل شهر ألفا درهم خارجاً عن تكملة جوامك المستحقين وما جدده وأنشأه من الحمام الخراب بحارة حواصل قرية العوجاء والنويعمة بالغور ومرتب الجرجان الواردين تمامه وأن يصرف جميع متحصل ذلك برسم عمارة المسجد الأقصى الشريف والصخرة الشريفة مهما حصل من ذلك يرصد حاصلاً لصندوق الصخرة المشرفة أرصد ذلك جميعه برسم العمارة خاصة إرصاداً صحيحاً شرعياً بمقتضى المرسوم الشريف المعين تاريخه أعلاه ورسم أن ينقش ذلك في هذه الرخامة حسنة جارية في صحائف مولانا السلطان الملك الأشرف برسباي خلد الله ملكه على مستمرة الدوام الشهور والأعوام فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ومضاف إلى ذلك فائض الزيت والجوالي اللهم من فضل هذا الخير وكان سبب فيه جازه الجنة والنعيم ومن غيره أو نقصه جازه العذاب الأليم في الدنيا والآخرة)) . العثمانيون نستطيع القول أن تاريخ بناء قبة الصخرة المشرفة قد دخل مرحلة جديدة وطويلة في الفترة العثمانية التي استمرت أربعة قرون، حيث لم تنقص أهمية المحافظة والصيانة لقبة الصخرة، بل قل إنها زادت وتضاعفت (26) . فكان أول سلاطين العثمانيين الذين اهتموا بقبة الصخرة ورعايتها، هو السلطان سليمان القانوني (926-974هجرية/ 1520-1566ميلادية)، الذي استطاع أن يصبغ قبة الصخرة بالفن العثماني من خلال مشروعه الكبير المشار إليه في نقشه التذكاري (27) الموجود فوق الباب الشمالي لقبة الصخرة والذي اشتمل على استبدال الزخارف الفسيفسائية التي كانت تغطي واجهات التثمينة الخارجية والتي ظلت قائمة منذ الفترة الأموية، فترة تأسيس وبناء قبة الصخرة وحتى الفترة العثمانية، وقد استبدلت بالبلاط القاشاني المزجج والملون في سنة 959هجرية/ 1552ميلادية، مما أكسب قبة الصخرة روعة وجمالاً فائقين من الخارج كما هي من الداخل . كما قام بتجديد النوافذ الجصية الواقعة في رقبة القبة وذلك في سنة 945هجرية/ 1538ميلادية . ولقد حرص سلاطين العثمانيين بشدة خلال فترات توليهم الطويلة على استمرارية الحفاظ على مسجد قبة الصخرة، حتى أنهم قاموا بتشكيل لجنة لتختص بشؤون إعمار قبة الصخرة والمسجد الأقصى، تألفت من شيخ الحرم وأمين البناء وأمين الدفتر (28) . ومن مشاريع الترميمات العثمانية المهمة تلك التي أنجزت في عهدي السلطانين عبد المجيد الأول (1255-1277 هجرية/ 1839-1861ميلادية)، والسلطان عبدالعزيز (1277-1293هجرية/ 1861-1876ميلادية)، حيث تم إنجاز أعمال ترميمات ضخمة استمرت مدة من الزمن، كلفت خزينة الدولة أموالاً طائلة، حيث استدعي خبراء ومهندسون من خارج البلاد لتقوية وصيانة المبنى الأساسي للقبة وزخارفها من الداخل والخارج (29) . وفي عهد السلطان عبد الحميد الثاني (1293-1327 هجرية/ 1876-1909ميلادية)، تم كتابة سورة (يس) الموجودة حالياً في أعلى واجهات التثمينة الخارجية، وقد كتبت بالخط الثلث على القاشاني، كما أمر السلطان عبد الحميد بفرش مسجد قبة الصخرة المشرفة بالسجاد الثمين (30) . ومن الجدير بالإشارة إلى القبة الصغيرة التي تقوم إلى الغرب من مدخل المغارة والتي على ما يظهر أنها أضيفت في الفترة العثمانية والتي عرفت بحجرة شعرات النبي عليه السلام، وقد قال المؤرخ المقدسي الجليل عارف العارف بخصوصها ما نصه (31) (.. وقد عهد إلى آل الشهابي من الأسر القديمة في بيت المقدس بمهمة الاحتفاظ بهاتين الشعرتين من شعر النبي ويحتفل القوم بها مرة في كل سنة، .. في اليوم السابع والعشرين من شهر رمضان..)) . المجلس الإسلامي الأعلى هذا وقد أخذ المجلس الإسلامي الأعلى على عاتقه مسؤولية الحفاظ على قبة الصخرة المشرفة، حيث قام في الفترة ما بين 1936-1948م، بأعمال الترميم اللازمة والضرورية فيها مستعيناً بالخبراء والمختصين في هذا المجال(32). وقد استمرت الترميمات في العهد الأردني، حيث سنت الحكومة الأردنية في سنة 1954م، قانون أسمته (قانون إعمار المسجد الأقصى المبارك والصخرة المشرفة لسنة 1954م)، خولت فيه مجلس الوزراء تعيين لجنة لإعمار المسجدين. ومنذ ذلك الحين وحتى هذا اليوم واللجنة تقوم بمسؤولياتها تجاه إعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة (33) . زخارف قبة الصخرة المشرفة لقد استطاع الفنان المسلم أن يزين ويحلي قبة الصخرة المشرفة بعدة أنواع من الزخارف، نذكر أهمها: الزخارف الفسيفسائية، الزخارف الرخامية، الزخارف الخشبية، الزخارف القاشانية والخطوط كعنصر زخرفي إلى جانب وظائفه التوثيقية . أما الزخارف الفسيفسائية والتي تعرف بالفسيفساء فهي عبارة عن قطع زجاجية ملونة ذهبية تميل في شكلها إلى المربعات الصغيرة، حيث اشتهرت كعنصر زخرفي في تجميل العمائر الهندسية في العصر البيزنطي والعصر الأموي. ويعود تاريخ فسيفساء قبة الصخرة المشرفة إلى الفترة الأموية – فترة تأسيس وبناء قبة الصخرة. حيث استخدم الفنان المسلم الفسيفساء ليضفي جمالاً أخّاذاً وبريقاً لماعاً، بتغطيته المساحات الواسعة المرئية والتي لم يقم بتغطيتها بالفسيفساء لبدت للناظر جوفاء ومملة . وقد وزع الفنان المسلم هذه المساحات في ست مجموعات (34) : الوجه الخارجي للتثمينة الداخلية . الوجه الداخلي للتثمينة الداخلية . بطنيات العقود الواقعة في التثمينة الداخلية . رقبة القبة من الخارج . رقبة القبة من الداخل . المساحات الواقعة ما بين الشبابيك في القمس العلوي من رقبة القبة . وقد اختار الفنان المسلم ثلاثة ألوان رئيسية ليستخدمها في نسج زخارفه الفسيفسائية هذه، حيث اشتملت الألوان على الأخضر والأزرق والمذهب (اللون الذهبي)، إضافة إلى ألوان أخرى ثانوية . وقد استطاع هذه الفنان أن يجسد روح العقيدة الإسلامية من خلال تصميماته للوحات الفسيفسائية هذه، فكان لزاماً عليه أن لا يجسد أي تصوير لإنسان أو حيوان وذلك تماشياً مع الإسلام الذي يحرم تجسيد الأشخاص والحيوانات، فاستعاض بذلك بعناصر زخرفية أهمها النباتات والأشجار والفواكه والأوراق النباتية مختلفة الأنواع والأشكال وورق الأكانشس والمجوهرات بجميع أنواعها والمزاهر (المزهريات) والأشكال الهندسية والخط، جاءت كلها لتكون مواضيع الرسالة التي أراد الفنان إبراقها للناظرين إليها والمتمعنين بها . فأما النباتات (35) فقد اشتملت على أشجار مختلفة الأنواع كالنخيل والزيتون والرمان والتين واللوز وثمار أخرى مختلفة ألوانه، وفواكه متنوعة وموضوعة في سلال أو صحون وكذلك عروق النباتات التي فاضت من المزاهر، تلك المزهريات (جمع مزهرية) التي زينت أجسامها بمختلف المجوهرات والحلي مثل العقود والأساور والتيجان والأقراط والأهلة والنجوم، المفصصة جميعها بالأحجار الكريمة والثمينة مثل اللؤلؤ (الذي نراه باللون الفضي البراق) وغيرها، حيث ظهرت هذه العناصر في وجهي التثمينة الداخلية من الداخل والخارج . وكأن الفنان يريد أن يذكرنا بتصويراته هذه، الأشياء الموجودة في الجنة التي وعد الله بها المؤمنين والتي تم وصفها في القرآن الكريم (36) وجاء فيها من أشجار وثمار مختلفة الألوان ومجوهرات ثمينة وقصور .. الخ . كما أنه ركز على تصوير التاج بصورة مكررة، والذي صممه بشكليه البيزنطي الذي يظهر في الوجه الداخلي للتثمينة الداخلية، والساساني (الفارسي) المعروف بالتاج ذي الأجنحة والذي يظهر في القبة من الداخل. وكأن الفنان أراد هنا أن يذكر بنصر الإسلام (الدولة الإسلامية) على القوتين العظميين البيزنطية والفارسية في ذلك الوقت فرمز إليهما بتيجانيهما والتي تشير إلى السلطة والملكية (37) . أما العنصر الثالث الذي استخدمه الفنان المسلم في تصميم لوحاته الفسيفسائية، فهو الخط، حيث قام بعمل زنّارين بطول 240 م2 (38)، يقومان أعلى التثمينة الداخلية من الداخل والخارج، زينهما بكتابات بالخط الكوفي البسيط والمعمولة بالفسيفساء المذهبة على خلفية (أرضية) زرقاء . إن أهمية استخدام هذا العنصر تكمن في قدمها، حيث تعتبر أقدم كتابة توثيقية لمعلم حضاري يعود تاريخه للفترة الأموية (72هجرية/ 691 ميلادية) من جهة، وأما من جهة أخرى فإن مضمون ما جاءت من آيات قرآنية فيها ليعكس أهمية الرسالة التي أراد الفنان المسلم أن يوصلها للناظرين في ذلك الوقت، حيث اختار نصوص آيات من القرآن الكريم الدالة على وحدانية الله سبحانه وتعالى والتي نجدها في سورة الإخلاص، وما تيسر من سورة مريم التي تذكر سيدنا عيسى عليه السلام، مبيناً مكانته في الإسلام كرد على ما جاء في النصرانية من معتقدات مثل الثالوث النصراني (الأب والابن والروح القدس) التي كانت شائعة في ذلك الوقت وحتى يومنا الحاضر، فقد كان هذا الصراع العقائدي في أوجه في الفترة الأموية حتى أن الأمويين اهتموا به وردوا عليه من خلال الآيات القرآنية التي تدل عليه، ومن خلال الركن الأول من أركان الإسلام ألا وهو الشهادتان، (لا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله)، حيث إنهم كرروا هذا الركن في معظم أمورهم المادية، فهم أول من عربوا النقود الإسلامية (السكة) ضاربين على وجهي الدينار والفلس سورة الإخلاص، وعلى ظهريهما الشهادتين مركزين في ذلك على جوهر العقيدة الإسلامية، أما النصوص المادية للكتابات التي زينت التثمينة الداخلية من الداخل والخارج فهي: ما كتب في الوجه الخارجي للتثمينة (39) : (الضلع الشمالي للمثمن) : ((بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله وحده لا شريك له قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحداً محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم)) . الضلع الشمالي الغربي : ((بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله إن الله وملائكته يصلون على النبي)) . الضلع الغربي المثمن : (( يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً – زخرفة وردية – بسم الله الرحمن الرحيم .. لا إله إلا الله وحده لله الحمد )) . الضلع الشمالي الغربي : ((لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيراً محمد رسول ا)) . الضلع الشمالي للمثمن: ((لله صلى الله عليه وملائكته ورسله والتسليم عليه ورحمت الله – زخرفة وردية – بسم الله الرحمن الرحيم لا إلا الله وحده لا شريك له)) . الضلع الشمالي الشرقي: ((له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقبل شفاعته يوم القيامة في أمته)) . الضلع الشرقي للمثمن : ((بسم الله الرحمن الرحيم إلا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم – زخرفة وردية – بنى هذه القبة عبدالله عبد)) . الضلع الجنوبي الشرقي : ((/الله الإمام المأمون أمير/ المؤمنين في سنة اثنتين وسبعين تقبل الله منه ورضي عنه آمين رب العالمين والحمد لله)) . ما كتب في الوجه الداخلي للتثمينة (40) : الضلع الجنوبي للمثمن: ((بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله وحده لا شريك له وله الحمد يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير محمد رسول الله)). الضلع الجنوبي الشرقي : ((إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً صلى الله عليه والسلام عليه ورحمة الله يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا)) . الضلع الشرقي للمثمن : ((تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم)) . الضلع الشمالي الشرقي: (( إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلاً لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله)) . الضلع الشمالي للمثمن: ((ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعاً اللهم صلى على رسولك وعبدك عيسى ابن مريم)) . الضلع الشمالي الغربي: ((والسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمراً)) . الضلع الغربي للمثمن: ((فإنما يقول له كن فيكون وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم أن)) . الضلع الشمالي الغربي: ((الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب)) . الزخارف الرخامية لقد استخدم الفنان المسلم المادة الرخامية في زخرفة قبة الصخرة المشرفة بشكل ملفت للنظر، حيث استخدمها في الأعمدة وتيجانها وفي تكسية الواجهات الداخلية والخارجية للتثمينة الخارجية وكذلك في تكسية الدعامات الحجرية، ولكن ثمة عنصر آخر شكله من المادة الرخامية أيضاً وهو الأفاريز الرخامية (الإطارات) التي علت الدعامات الحجرية المكسية بالرخام، وكذلك الواجهات الداخلية للتثمينة الخارجية، حيث جاءت هذه الأفاريز الرخامية المحفورة والمزخرفة بزخارف نباتية وهندسية، متجانسة إلى حد كبير مع الزخارف الفسيفسائية من ناحية ألوانها وموضوعات زخرفتها. وقد عرف أسلوب عمل هذه الأفاريز الرخامية باسم (Champelve) (41)، حيث اشتهر في العصرين البيزنطي والأموي. وأن جميع هذه الأفاريز الرخامية الموجودة في قبة الصخرة المشرفة، لتعود إلى الفترة الأموية متزامنة مع تاريخ بنائها سنة 72هجرية/ 691 ميلادية . ويجدر الإشارة أيضاً إلى الزخارف الخشبية التي جاءت أيضاً متجانسة في عناصرها وموضوعاتها مع الزخارف الفسيفسائية والرخامية في قبة الصخرة المشرفة . الزخارف القاشانية (42) : القاشاني هو ذلك الأجر المزجج والملون والذي يعرف في بلادنا بالبلاط الصيني. وقد استخدم لأول مرة في عمارة قبة الصخرة المشرفة في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني الذي قام باستبدال الزخارف الفسيفسائية التي كانت تغطي واجهات التثمينة الخارجية منذ العهد الأموي، بالبلاط القاشاني المزجج والملون وذلك في سنة 959هجرية/ 1552 ميلادية . وقد عرف بالبلاط القاشاني نسبة إلى مدينة قاشان الواقعة في خراسان في بلاد فارس، حيث كان في بادئ الأمر يصنع في هذه المدينة وينقل بعد ذلك إلى البلاد المراد استخدامه فيها . وإن القاشاني الذي استخدم في عمارة قبة الصخرة في عهد السلطان سليمان القانوني، كان قد صنع في قاشان ومن ثم نقل إلى القدس . ولكن ما لبثت هذه الصناعة أن انتقلت في نهاية القرن السادس عشر إلى القدس وذلك عن طريق استقطاب صنّاع مهرة من بلاد فارس ليقوموا بتصنيع البلاط في القدس نفسها، فقد تعلمها الكثير من صنّاع أهل الشام وفلسطين فنقلوها إلى بلاد الشام بسرعة فائقة، حتى غدا هذا الفن منتشراً ومشهوراً في القرنين السابع والثامن عشر الميلادي في بلاد الشام . وقد استطاع الفنان المسلم أن يجسد روح العقيدة الإسلامية أيضاً في هذا العصر الزخرفي وذلك باستخدامه مواضع مشابهة لتلك الموجودة في الزخارف الفسيفسائية بالداخل والتي تمثلت بالعناصر النباتية والهندسية والخط الإسلامي . صحن قبة الصخرة المشرفة المقصود بصحن قبة الصخرة هو الساحة الخارجية أو الباحة التي تحيط بمبنى قبة الصخرة، والتي ترتفع عن أرضية الحرم الشريف 12 قدم (4م). ويتوصل إليها عن طريق مراق (درج)، توجت بقناطر حجرية تتألف من مجموعة عقود حجرية تقوم على أعمدة رخامية عرفت باسم "الموازين". وقد أشار المقدسي إلى وجود أربع مراق في صحن الصخرة، حيث يقول في وصفه للمسجد الأقصى ما نصه (43) : ((.. والصحن مبلط – يقصد الحرم الشريف – وسطه دكة – يقصد فناء الصخرة – مثل مسجد يثري يصعد إليها من الأربع جوانب في مراق واسعة ..)) وأما ابن الفقيه فقد أشار إلى وجود ست مراق تؤدي إلى صحن الصخرة . فمن المحتمل أن تاريخ تأسيس وبناء هذه الموازين يعود للفترة الأموية حيث صممت لتفي بالغرض الجمالي والهندسي وهو مَلءُ الفراغ الموجود في صحن قبة الصخرة ليتجانس مع مخططها الهيكلي من جهة، وللغرض التوجيهي وهو الإشارة والدلالة إلى مداخلها من جهة أخرى (44) . يبلغ عدد هذه الموازين أو القناطر أو البوائك (جمع بائكة) ثمانية، حيث مرت هذه البوائك في مراحل ترميم مختلفة تراوحت بين الصيانة والترميم إلى إعادة بنائها من جديد. وقد وزعت في جهات صحن الصخرة الأربع على النحو التالي (45) : في الجهة الجنوبية اثنتان وهما : (صورة/ دليل الموقع 4-5) . القنطرة الجنوبية ويعود تاريخها إلى القرن الرابع الهجري . القنطرة الجنوبية الشرقية ويعود تاريخها إلى سنة 412 هجرية/ 1021 ميلادية. وفي الجهة الشمالية اثنتان وهما: (صورة / دليل الموقع 5-7). القنطرة الشمالية ويعود تاريخها إلى سنة 721 هجرية/ 1321 ميلادية. القنطرة الشمالية الشرقية ويعود تاريخها إلى سنة 726هجرية/ 1325 ميلادية . وفي الجهة الغربية ثلاثة وهي : (صورة / دليل الموقع 8 – 10) القنطرة الغربية (المتوسطة) ويعود تاريخها إلى سنة 340 هجرية/ 955 ميلادية . القنطرة الشمالية الغربية ويعود تاريخها إلى سنة 738هجرية/ 1337 ميلادية . القنطرة الجنوبية الغربية ويعود تاريخها إلى سنة 877 هجرية/ 1472 ميلادية . في الجهة الشرقية قنطرة واحدة وهي: (صورة /دليل الموقع 11) القنطرة الشرقية ويعود تاريخها إلى القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي . تقوم أيضاً على صحن الصخرة المشرفة مجموعة من القباب تعود تواريخ إلى فترات نشائها إإسلامية مختلفة ومتتابعة، كما تقوم في الجهة الشمالية لصحن قبة الصخرة مجموعة غرف صغيرة تعرف بالخلاوي (جمع خلوة) أقيمت في صف واحد، حيث تم إنشاؤها في الفترة العثمانية . الحواشي والملاحظات (قبة الصخرة المشرفة) مجير الدين (1973)، ج1، 272-273 . Creswell (1968), 18-30 ولمزيد من الاطلاع بخصوص العناصر المعمارية والفنية لقبة الصخرة راجع: دارسات (1984)، 49-65 . العمري (1924)، 140 . Creswell (1968), 18-19 دراسات (1984)، 289 –302 /Van Berchem (1927), II, 230 Creswell (1969), 1/1, 65-131 المقدسي (1906)، 159/ اليعقوبي (1960)، 261/ العمري (1924)،/ ياقوت (1866)، 594 . اليعقوبي (1960)،261/ دراسات (1984) ، 73-74 . كنيسة القيامة: تقع على مقربة من قبة الصخرة المشرفة في البلدة القديمة في القدس، حيث تم بنائها في عهد الإمبراطور قسطنطين بأمر من أمه الملكه هيلانة سنة 325 ميلادية . المقدسي (1960)، 159 . Van Berchem (1927), II, 260 ابن الأثير (1978)،295 Van Berchem (1927), II, 265 Prawer (1975),109-111 السيوطي (1982)، ق1، 272. ابن الأثير (1978)، 175-190 . Van Berchem (1927), II, 289 مجير الدين (1973)، ج1،329 . مجير الدين (1973)، ج1،340 . Van Berchem (1927), II,301-302 مجير الدين (1973)، ج2،87 . Van Berchem (1927), II,289 Van Berchem (1927), II ,311-312 مجير الدين (1973)، ج2، 96 . Van Berchem (1927), II,328-329 Van Berchem (1927), II,329-371 Van Berchem (1927), II,335-336 العارف (1958)، 92 . العارف (1958)، 94-95 . العارف (1958)، 94-95 . العارف (1958)، 235 لمزيد من الاطلاع راجع: العارف (1958)، 96-100 . لمزيد من الاطلاع: راع الدراسات والأبحاث الفنية والتاريخية الصادر عن المكتب المعماري الهندسي لإصلاح وإعمار المسجد الصخرة المشرفة بالقدس (ثلاث مجلدات 1970-1971) . Rozen- Ayalon (1989), 17 Creswell (1969), 1/1, 252-281 نذكر منها: سورة البقرة : آية 266 والتي ورد فيها {أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب}. سورة الأنعام: آية 99 والتي ورد فيها {وجنات من أعناب والزيتون والرمان} . سورة المؤمنين : آية 19 والتي ورد فيها {فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون} . Grabar (1927), II, 33-62 Van Berchem (1927), II,228 لمزيد من الإطلاع على الملاحظات الفنية لهذه الكتابات راجع (دراسات 1984)، 289-303 . Van Berchem (1927), II,229-230 Van Berchem (1927), II,230-231 Rozen- Ayalon (1989), 22-23 لمزيد من الاطلاع راجع RICHMOND (1924) , 23-76 المقدسي (1906)، 169 . Rozen- | |
|
أبو عبدالله المدير العام
الأوسمة :
عدد المساهمات : 3550 نقاط : 58124 السٌّمعَة : 6 تاريخ التسجيل : 30/10/2010
| موضوع: رد: دليل المسجد الأقصى المبارك الخميس سبتمبر 15, 2011 7:47 pm | |
| | |
|
أبو عبدالله المدير العام
الأوسمة :
عدد المساهمات : 3550 نقاط : 58124 السٌّمعَة : 6 تاريخ التسجيل : 30/10/2010
| موضوع: رد: دليل المسجد الأقصى المبارك الخميس سبتمبر 15, 2011 7:54 pm | |
| قباب الحرم الشريف تقوم في ساحة الحرم الشريف عدة قباب (فضلاً عن قبة الصخرة المشرفة وقبة السلسلة وقبة المعراج)، والتي تم تعميرها في الفترات الإسلامية: الأيوبية والمملوكية والعثمانية، حيث بنيت معظمها لتكون مقراً للتدريس أو داراً للعبادة والاعتكاف أو تخليداً لذكرى حدث معين . هذا وقد انتشرت هذه القباب في صحن قبة الصخرة وساحة الحرم الشريف.
وأما القباب الواقعة في صحن قبة الصخرة فهي:
قبة السلسلة: تقوم هذه القبة إلى الشرق من قبة الصخرة المشرفة تماماً، حيث لا يتجاوز بعدها عنها بضعة من الأمتار. بنى هذه القبة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (65-68 هجرية/ 685-507 ميلادية)، في نفس الفترة التي بنى فيها قبة الصخرة المشرفة (66–72 هجرية) . تقوم القبة على رقبة مغلقة سداسية أقيمت على ستة أعمدة، حيث أحيطت هذه الأعمدة برواق مضلع يتألف من أحد عشر ضلعاً تقوم على أحد عشر عموداً رخامياً، كما وأقيم محراب في جهتها الجنوبية . وقد سميت بقبة السلسلة على ما يبدو لوجود سلسلة كانت قد علقت بداخلها وكانت ظاهرة للعيان، حتى غدت تعرف بهذا الاسم وليس كما يروى من خرافات خيالية تصف (وجود سلسلة من نور كانت معلقة بين السماء والأرض) . تاريخ ووظيفة المبنى: لم يختلف المؤرخون في نسبة بناء قبة السلسلة إلى الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، حيث أجمع معظمهم على ذلك (1) ، ولكن الخلاف كان في سبب بنائها أو بمعنى آخر ماهية الوظيفة التي بنيت من أجلها. وقد دارت حول ذلك آراء عديدة استطعنا أن نصنفها في ثلاث مجموعات: المجموعة الأولى والتي اعتمدت في تعليل سبب بنائها على التفسيرات الدينية المقتبسة عن التوراة (الإسرائيليات)، والخرافات التي لا يتقبلها عقل ولا منطق . والمجموعة الثانية التي نادت بأن قبة السلسلة بنيت لتستخدم كبيت للمال (الخزنة)، على غرار خزنة الجامع الأموي في دمشق، ولكن كيف لنا أن نتخيل بيتاً للمال بحالته المعمارية هذه والتي بقيت كما هي منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا، مفتوحة الجوانب بدون حماية إنشائية ومعمارية تكسبها ذلك الغرض ! وأما المجموعة الثالثة، والتي برزت متأخرة نوعاً ما، جاءت بأن قبة السلسلة بنيت لتكون نموذجاً لتكون نموذجاً لقبة الصخرة المشرفة، علماً بأن النموذج (MODEL) يكون مطابقاً للمبنى الذي أنشئ من أجله، ولكننا هنا نرى تبايناً واضحاً بين مخططي قبة الصخرة وقبة السلسلة ودون الخوض في تفاصيل هذا الاختلاف، ولكننا نكتفي بالإشارة فقط إلى أن المبنى الأول ثماني الأضلاع ومغلق تمام الإغلاق أمام الثاني فهو مفتوح الجوانب ويتألف من مضلع يتكون من أحد عشر ضلعاً . فضلاً عن أنه لم يرد في المصادر التاريخية المبكرة أية إشارة عن هذا السبب (كنموذج لقبة الصخرة)، حيث كان أول من أشار إليه هو مجير الدين (2) ، والذي يعتبر من المصادر التاريخية المتأخرة بالنسبة لتاريخ قبة السلسلة . ولكننا على ما يبدو اليوم أمام مصدر تاريخي يذكر هذه القبة، حيث تم مؤخراً اكتشاف مخطط بعنوان (كتاب التاريخ)، يعود للقرن الثالث الهجري والذي أشار فيه مؤلفه عبد الملك بن حبيب المتوفي سنة 238 هجرية/ 852 ميلادية، بوضوح ودون أي لبس، أن عبد الملك بن مروان هو الذي بنى قبة السلسلة (3) . وعليه: فإن هذا المصدر ليدحض الآراء القائلة بتوظيف القبة كبيت للمال كنموذج لقبة الصخرة، فلو كانت كذلك لأشار إليهما ابن حبيب في مخطوطه المذكور أعلاه . ولكننا نميل إلى الاعتقاد بأن السبب في بناء قبة السلسلة هو لتكون مقراً للتدريس والمعماريين الذين أشرفوا على بناء قبة الصخرة المشرفة لتقيهم من حرّ الشمس في الصيف وشدة المطر في الشتاء، ذلك أن فترة بناء قبة الصخرة لم تكن قصيرة نسبياً فقد دامت ما يقارب الست سنوات (66 –72 هجرية)، ولا ضير في أن يحفظوا قسطاً من المال الذي خصص للصرف على اعمار قبة الصخرة المشرفة فيها ولكن لفترة قصيرة جداً فقط وحراستها من قبل حراس دائمين عليها، حتى يتم توزيعها على الحرفيين والبنائين والصناع الذين كانوا يعملون في بناء قبة الصخرة. وبمعنى آخر، فمن المحتمل أنها كانت تستخدم كمكتب لإدارة شؤون اعمار قبة الصخرة ذلك الصرح المعماري العظيم الذي كلف من الجهد والوقت والمال الكثير الكثير، الذي احتاج بالضرورة لمثل هذا الديوان الإداري لتنظيم شؤون إعماره حسب الأصول المرعية في ذلك الوقت . ورب من سائل، هل كان من الضروري أن يبنوا مقرهم هذا (قبة السلسلة) على هذا النحو المعماري المعقد. نقول لقد اختطوها كذلك ليتجانس وعظمة بناء قبة الصخرة المشرفة . وكأننا سنقتنع أكثر في هذا الرأي عندما نعلم أن سليمان بن عبد الملك اعتاد على عقد مجالسه الإدارية في هذه القبة . هذا وقد تم ترميم وتجديد هذه القبة في الفترتين المملوكية والعثمانية، وذلك في عهدي السلطان الملك الظاهر بيبرس (658-676 هجرية/ 160-1277 ميلادية) في سنة 661 هجرية، والسلطان سليمان القانوني (926-974 هجرية/ 1200-1218 ميلادية) في سنة 969 هجرية (4) . قبة المعراج : تقوم هذه القبة غربي قبة الصخرة إلى الشمال، وعلى ما يبدو التاريخ الأصلي لإنشاء هذه القبة يعود للفترات الإسلامية المبكرة، ولكننا اليوم أمام القبة التي أعيدت عمارتها في الفترة الأيوبية في عهد السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر (596 –615 هجرية/ 1200 –1218 ميلادية) في سنة 597 هجرية، بإشراف الأمير الزنجيلي متولي القدس، وذلك حسب ما يشير إليه النقش التذكاري الذي يعلو مدخلها الرئيسي والذي جاء فيه ما نصه (5) : ((بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد نبيه وآله وسلم وما تفعلون من خير يعلمه الله ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره/ هذه قبة النبي صلى الله عليه وسلم التي ذكرها أهل التاريخ في كتبهم تولى إظهارها بعد عدمها وعمارها بعد دثارها/ بنفسه وخاله الفقير إلى رحمة ربه الأمير الأجل الإسفهسلار الكبير الأوحد الأعز الأخص الأمين المجاهد الغازي المرابط عز الدين جمال الإسلام/ سعيد السعداء سيف أمير المؤمنين أبي عمر عثمان بن علي بن عبدالله الزنجيلي متولي القدس الشريف وذلك في شهور سنة سبع وتسعين وخمسمائة)) . وهي قبة مثمنة الأضلاع، تقوم على ثلاثين عموداً من الرخام، وقد فتح في جهتها الشمالية باباً وأقيم في جدارها القبلي محراباً، وعلى ما يبدو أن شكل القبة لم يتغير منذ إنشائها في الفترة الأيوبية، حيث قام العمري بوصفها وصفاً مطابقاً لوصفها الحالي والذي جاء فيه (6) : (( .. بنى عليها قبة مثمنة، تسمى قبة المعراج. بابها يفتح للشمال، يظاهر القبة المذكورة حاملاً لأركانه من الأعمدة الرخام الأبيض ثلاثون عموداً.. والتثمينة التي بين الأعمدة ملبسة ألواح رخام ملكي مشجرة بأزرق. يصعد إلى بابها بثلاث درج رخام ثم ينزل إلى داخلها بمثلهن ..)) . قبة النبي : تقوم هذه القبة بين قبتي الصخرة والمعراج، ويقال أنها بنيت في الموقع الذي صلى النبي عليه السلام فيه بالأنبياء والملائكة، ومن المحتمل أن التاريخ الأصلي لإنشاء هذه القبة يعود للفترات الإسلامية المبكرة . ولكننا اليوم أمام تلك القبة المحمولة على أعمدة من الرخام والمفتوحة الجوانب، والتي أعيد تعميرها في الفترة العثمانية في عهد السلطان عبد المجيد الأول (1255-1277 هجرية/ 1839-1861 ميلادية) في سنة 1261 هجرية . وقد بنيت هذه القبة فوق المحراب الذي أنشئ أيضاً في الفترة العثمانية، في عهد السلطان سليمان القانوني (926-974 هجرية/ 1200-1218 ميلادية) في سنة 945 هجرية، على يدي الأمير محمد بك والي غزة والقدس الشريف، وذلك وفق ما جاء بالنقش التذكاري الموجود في القبة والذي جاء فيه ما نصه: ((أنشأ هذا المحراب المبارك مولانا الأمير الكبير محمد بك صاحب لواء غزة وقدس شريف زيد قدرهما بتاريخ سنة 945 هجرية)) (7). القبة النحوية: تقوم هذه القبة في الزاوية الجنوبية الغربية لصحن قبة الصخرة المشرفة، وقد تم تعميرها في الفترة الأيوبية في عهد السلطان الملك المعظم عيسى في سنة 604 هجرية/ 1207 ميلادية، خصيصاً لتكون مقراً لتعليم علوم اللغة العربية فقد عرف عن المعظم عيسى مدى ولعه وحبه باللغة العربية. ذلك وفق ما جاء بالنقش التذكاري الموجود في داخل القبة والذي جاء فيه ما نصه ( : ((بسم الله الرحمن الرحيم/ تبارك الذي إن شاء جعل لك خيراً من ذلك/ جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصوراً/ أمر بإنشاء هذه القبة المباركة وما يليها من العمارة/ مولانا السلطان الملك العظيم شرف الدنيا والدين أبو النصر/ عيسى ولد مولانا الملك العادل سيف الدين سلطان الإسلام/ والمسلمين أبو بكر بن أيوب أعز الله أنصارهما وجرى ذلك على يد/ عبده الراجي عفو ربه الأمير حسام الدين أبي سعد قيماز بن عبد الله المعظمي/ الوالي بالبيت المقدس الشريف وذلك في شهور سنة أربعة وستمائة)) . هذا وقد لعبت المدرسة النحوية (القبة النحوية)، دوراً هاماً وفعالاً في دفع الحركة العلمية في الحرم الشريف، حيث اعتبرت معهداً متخصصاً لتدريس اللغة والنحو كما يدل عليها اسمها، منذ تأسيسها وحتى الفترة العثمانية، وقد أوقف عليها الملك المعظم وقوفات كثيرة لتفِ بسد حاجاتها والصرف عليها . وقد اشتهر مشايخها الذين درسوا فيها (9) : الشيخ شمس الدين بن رزين البعلبكي، وكان أول من تولى التدريس فيها، والشيخ أبو بكر بن عيسى الأنصار المقدسي المتوفي سنة 823 هجرية، والشيخ علي بن أبي بكر بن عيسى الأنصاري المقدسي المتوفي سنة 882 هجرية، والفقيه يحيى المعصراني المتوفي سنة 1083 هجرية، والشيخ عبد المعطي الخليل الشافعي المتوفي سنة 1154 هجرية. ويتألف مبنى القبة الحالي من غرفتين وقاعة مستطيلة الشكل، حيث يدخل إليها من مدخلها الرئيسي الواقع في واجهتها الشمالية والذي زين بزخارف هندسية ونباتية، وكذلك بالأعمدة الرخامية الملفوفة أو المثعبنة والتي شاعت في الفترتين الصليبية والأيوبية . قبة يوسف : تقوم هذه القبة بين القبة النحوية ومنبر برهان الدين في الجهة الجنوبية لصحن قبة الصخرة المشرفة. حيث تم إنشاؤها في الفترة العثمانية وذلك استناداً إلى الطابع المعماري التي تتمتع به القبة والنقش التذكاري الموجود في وجهتها والمؤرخ في سنة 1092 هجرية/ 1681 ميلادية . ومن الضروري هنا التأكيد على أنه لا يوجد أية صلة أو علاقة تربط هذه القبة بالنبي يوسف عليه السلام. وإنما يوسف المنسوبة إليه القبة هو صلاح الدين الأيوبي (يوسف بن أيوب) . فقد شاع خطأً أن يوسف المذكور بالنقش التذكاري الواقع أسفل القبة(10)، هو النبي يوسف وأن القبة بنيت تيمناً به وتخليداً لذكراه، ولكن هذا غير صحيح . فإذا ما تمعنا بالنقش التذكاري المذكور به اسم "يوسف بن أيوب" وقرأنا نصه جيداً، نجد وببساطة أن وظيفة المبنى الموثقة بالنقش تشير إلى عمارة وحفر خندق وليس عمارة قبة! وعليه: فإن هذا النقش التذكاري ليس بمكانه الأصلي (not in sites)، فعلى ما يبدو أنه جلب على يدي العثمانيين أثناء قيامهم بإعادة ترميم وبناء سور القدس الذي كان قد حصن في الفترة الأيوبية بالخنادق (جمع خندق) والأبراج (جمع برج) للدفاع عن القدس وحمايتها من غزوات الصليبيين المتكررة، فقاموا بوضعه في مكانه الحالي هذا، ومن ثم قاموا بتنصيب هذه القبة فوقه، تكريماً للقائد المجاهد صلاح الدين يوسف بن أيوب محرر القدس من الصليبيين، وتخليداً لذكراه الطيبة . قبة الشيخ الخليلي: تقوم هذه القبة في الزاوية الشمالية الغربية لصحن قبة الصخرة المشرفة، وهي معروفة أيضاً بقبة بخ بخ، حيث تم إنشاؤها في الفترة العثمانية في سنة 1112 هجرية/ 1700 ميلادية . ويتألف مبنى القبة من غرفة مستطيلة الشكل، يدخل إليها من خلال مدخلها الواقع في جدارها الشرقي، وفي داخلها كهف أقيم فيه محراب . وقد استخدمت هذه القبة كدار للعبادة والتصوف، حيث اتخذها الشيخ الخليل كمقر له لقراءة الأوراد (الأدعية الصوفية) والاعتكاف بها (11) . هذا وتقوم أيضاً في صحن قبة الصخرة قبة الخضر، وقبة الأرواح، واللتان أنشئتا في الفترة العثمانية . وأما القباب الواقعة في ساحة الحرم الشريف فهي: قبة سليمان : تقوم هذه القبة مقابل باب العتم في الجهة الشمالية لساحة الحرم الشريف. وهي قبة مثمنة الأضلاع، محمولة على أربعة وعشرين عموداً رخامياً، وقد فتح في جهتها الشمالية باباً وأقيم في جدارها القبلي محراباً، وعلى ما يبدو أن هيئتها أو شكلها لم يطرأ عليه أي تغيير جوهري يذكر، حيث ورد عند العمري وصفاً لها مطابقاً إلى حد ما لوضعها الحالي والذي جاء فيه (12) : ((وهذه القبة (المقصود قبة سليمان) بالجانب الشمالي من الحرم.. ويدخل من هذا الباب (أي بابها) إلى قبة مثمنة. وتتمة التثمينات مسدودة. بها أربعة وعشرون عموداً من الرخام .. وفي كل تثمينة في المسدودات أربعة أعمدة حاملة للرخامة التي في عقد القناطر .. وعلى يمنة (يمين) المصلي في المحراب صخرة صغيرة (وهي صخرة طبيعية) ..)) . واستناداً إلى طابع القبة المعماري ومخططها الهيكلي الذي يشبه إلى حد كبير قبة المعراج التي بنيت في الفترة الأيوبية في سنة 597 هجرية، وكذلك إلى الوصف التاريخي الذي ذكره العمري: نستدل وبشكل قاطع أننا أمام قبة قد أنشئت في الفترة الأيوبية، إن لم تكن قد بنيت بنفس تاريخ قبة المعراج (597 هجرية/ 1200 ميلادية) المذكورة، فضلاً على أنه من المحتمل أن يكون تاريخ تأسيسها الأصلي يعود للفترة الأموية وذلك في عهد الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك (69-99 هجرية/ 715 –717 ميلادية)، فقد نسبت إليه وعرفات باسمه (13) . قبة أو إيوان العشاق : تقوم هذه القبة مقابل باب العتم (إلى الجنوب الشرقي منه)، في الجهة الشمالية لساحة الحرم الشريف، وقد تم إنشاء هذا الإيوان الذي عرف لاحقاً بالقبة، في الفترة العثمانية في عهد السلطان محمود الثاني (1223-1255 هجرية/ 1808 –1839 ميلادية) في سنة 1233 هجرية وذلك وفق ما ورد في النقش التذكاري الموجود في واجهته الشمالية (14) . وعلى ما يبدو أن هذا المكان كان ملتقى للصوفيين والزهاد والذين عرفوا بعشاق النبي عليه السلام، حتى أصبحت تعرف بقبة عشاق النبي . قبة موسى: تقوم هذه القبة مقابل باب السلسلة في الجهة الغربية لساحة الحرم الشريف. حيث تم تعميرها في الفترة الأيوبية في عهد السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب (637-647 هجرية/ 1240-1249 ميلادية) في سنة 647 هجرية، والتي عرفت في عهده باسم قبة الشجرة، ذلك وفق ما جاء في النقش التذكاري الذي يقوم فوق مدخلها الرئيسي والذي جاء فيه ما نصه (15) : ((بسم الله الرحمن الرحيم/ هذا ما أمر بعمارة هذا المكان/ مولانا السلطان الصالح/ نجم الدنيا والدين ابن الملك/ الكامل في شهور سنة سبع وأربعين وستمائة)) . ويتألف مبنى القبة من غرفة كبيرة مربعة الشكل تغطيها قبة نصف دائرية، يدخل لها من خلال بابها الواقع في جدارها الشمالي، وقد أقيم بجدارها القبلي محراب جميل المنظر . هذا وقد ذكرها العمري (16) حيث وصفها وصفاً معمارياً مطابقاً لما هي عليه الآن، وتستخدم القبة اليوم كمقر لدار القرآن الكريم . قبة يوسف آغا : (دليل الموقع – 39) تقوم هذه القبة في الجهة الجنوبية الغربية لساحة الحرم الشريف بين المتحف الإسلامي والمسجد الأقصى المبارك. حيث تم بنائها في الفترة العثمانية في عهد السلطان محمود الرابع (1058-1099 هجرية/ 1648-1687 ميلادية)، على يدي والي القدس يوسف آغا في سنة 1092 هجرية، وذلك حسب ما ورد في النقشين الموجودين في واجهتها (17) . ويستخدم مبنى القبة اليوم كمكتب استعلامات وبيع للتذاكر . منبر برهان الدين : يقوم هذا المنبر في الجهة الجنوبية لصحن الصخرة. حيث تم تعميره في الفترة المملوكية على يدي قاضي القضاة شيخ الإسلام برهان الدين بن جماعة الكناني قاضي مصر والشام وخطيب الخطباء وشيخ الشيوخ (725-790 هجرية/ 1325-1388 ميلادية) وذلك حسب ما ذكره مجير الدين الذي أشار أيضاً إلى أنه أي المنبر كان قبل ذلك يحمل على عجل (18) . وقد استخدم هذا المنبر للخطابة والدعاء في الأعياد الإسلامية وكذلك في صلاة الاستسقاء . ولم يعرف هذا المعلم بهذا الاسم في زمن العمري (745 هجرية/ 1345 ميلادية)، حيث ذكره باسم قبة الميزان (19) . وقد رمم في الفترة العثمانية في عهد السلطان عبد المجيد في سنة 1259 هجرية/ 1843 ميلادية، وذلك وفق ما يشير إليه النقش التذكاري الموجود في المنبر . ويعتبر هذا المعلم قطعة معمارية وفنية في غاية الروعة والجمال، وذلك لما احتواه من عناصر معمارية وزخرفية صنعت جميعها من الرخام وخاصة اللوحات الرخامية المزينة بالزخارف الهندسية القائمة على جانبي السلم الحجري للمنبر، والتي شاعت في العمارة المملوكية (20) . | |
|
أبو عبدالله المدير العام
الأوسمة :
عدد المساهمات : 3550 نقاط : 58124 السٌّمعَة : 6 تاريخ التسجيل : 30/10/2010
| موضوع: رد: دليل المسجد الأقصى المبارك الخميس سبتمبر 15, 2011 8:11 pm | |
| | |
|
بنت التحدي
الأوسمة :
عدد المساهمات : 174 نقاط : 46833 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 23/07/2011
| موضوع: رد: دليل المسجد الأقصى المبارك الجمعة سبتمبر 16, 2011 11:50 am | |
| في ميزااان حسنااتك يا رب تقديري | |
|
أبو عبدالله المدير العام
الأوسمة :
عدد المساهمات : 3550 نقاط : 58124 السٌّمعَة : 6 تاريخ التسجيل : 30/10/2010
| موضوع: رد: دليل المسجد الأقصى المبارك الثلاثاء أكتوبر 04, 2011 7:37 pm | |
| يسلمو على المرور والتعليق واثراء الموضوع | |
|